الأحد، 28 أغسطس 2011

كيف مـــاتو ~


[ .. مـات في أول صلاة تراويـح .. ] [ 1 ]

كان يومـا مُختلفـا لـه في ذلك اليوم .. كـانت البشاشة هي مُحيّـاه
كانت صلاةُ الفجر عندها وكـانه يرى نور بين يديه ومن خلـفه كمـا يقولُ لـي
فـ كان يحكـي لـي قِصـة يقول في مـا أذكر .. إنـي أرى شخص غريب في الخلف ذو هيئة حسنة
كان الضوء يشعُّ من مُحيـاه .. وكـأنه لـؤلؤ يجري بيننا .. كان هذا المرء إماماً مُتطوعا يأم الناس بـ دون مُقابل
فـ تذكرت حينها قولُ الله تعـالـى : { إن الذين قالوا ربّنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة أن لا تخافوا ولا تحزنوا }
فـ كان في ذلك اليوم عصره مُميّز .. حيثُ وجد ( س ) من الناس جالساً لا يُصلي وكثيرا ما نصحه وقال له لـكن بـ دون فائدة
فـ قال له في تلك العصرية .. يـا فُلان إني ناصحُك اليوم فـ اليوم أنا هُنا موجود وغداً أنا راحل فـ الصلاة هي عمود الدين فـ عود إلـى الله !. ورحل عنه

..

[ ~ فـ أُعلنَ رمضـان .. وأعلنت وفاته ~ ] جاء المغرب وأعلِن عن أن في الغد أول أيـام رمضـان فـ كانت فرحتهُ عظيمـة .. صنع الشـاي من أجل أن يُصلـي التراويح ويـأم الناس فيهـا إرتحلنـا إلـى الصلاة وهو كـان إمـامُنا وبدأنا نُصلـي كـان العرق يتصبب من علـى جبينه ولـيس كـ المُعتاد فـ كنتُ ألـحظ حركته هُناك يُسلم لـ القيام الأولـ وبعدها الثاني وبعد ذلك الوتر وعندهـا الدُعـاء قد جاء في الآخير دعاء بعد التراويح كان من أعظمها وقال حينها .. اللهم أرحمنا إذا عرق منا الجبين وآيس منا الطبيب وأرحمنا يوم تبلى السرائر والضمائر .. وأنتهـى توجه إلينـا مُسلما ومُباركا لـنا !. وشرع في الدُعاء الأخيـر في الصلاة والأخير في حيـاته كـ ذلك .. كان آخر مـا قال: اللهم صلِّ على مُحمد وآله كما صليت على إبراهيم وآله !. [ وتوقف الصوت ] هُنا فاضت روحـه الجميلة الطاهرة إلـى مولـاها !. غفر الله لـه وأدخله فسيح جناته وجعله من الشهداء الصادقين والأولـياء .. فـ كيف مـات هُنا هذا الحبيب وكيف ارتحل .. لـ نعتبر .. كلـماته الأخيرة هي الصلاة الإبراهيمية !. ~


[ هكـذا كـان قبل وفاته !. ] [ 2 ]

في تلك العصرية كـان كـ العادة وجهه بـ شوش وبـ كل معنى الكلمـة إبتسامته رائـعة
كانت لا تفارقهُ أبدا مـهما يكن فـ حتى إن كان الحُزن مطبوعـا عليه إلا أنه كان ذا ثغرٍ باسم
كلّ الصلوات لا تفوته وإن إستدرك صلاةً بكـى بـُكاءاً مُراً لـ أنه لا يرى في إعادتها شيء يُستساغ !.
مررتُ عليه في تلك العصرية وكُنت أجلسُ بـ جانبه فـ كان مُعلماً غيوراً مُصلحـا يُحبّ الخير لـ الجميع فـ كان ناصِحا !.


..


[ حلّ المسـاء .. وسقط ؟!. ]

في مساء ذلك اليـوم كـان الأمرُ مُختلفاً
غابةِ الإبتسامة والبشاشة منه فـ لم يعد كـما كان !. مـا الخطبُ لـم أكن أدري !!.
فـ كنت أعجب فـ أردتُ أن أتسائل إلا أني لا أعي ما أقول أو أن أفصح عن ما بـ داخلـي
كان الأمر في غاية الصعوبة بـ النسبة لـ طفل ورجل قد كانت على شعراته البياض وقد شاخ رُبمـا
علمتُ بـ أن هُناك مُصاب فيه .. وهُناك كُنت أنتظرُ ما يُقال عنه في نهاية صلاة المغرب ولكنّ الأمر كان طبيعيا
وهُنا كانت صلاةُ العِشاء .. كما كان أول الواصلين .. يهم إلـى الوضوء في مواضيء المسجد ولكنه يحسُ بـ ضعف كبير
توضء بـ صعوبة بالغة .. وهمّ إلـى الأذان ولكن لم يستطع وتركه لـ أحدهم .. همّ إلـى صلاة تحية المسجد كما كان ولكنه وقف قائلا


[ اللــهُ أكــبر ] !.

وسقط !.
 

[ الليلُ مـليء بـ الذكر ] [ 3 ]

في تلك الليلة كان يقرأُ ويصدحُ بـ القرآن !.
كان صزته يُسمعُ من بعيد يُرتلُ الآيات ترتيلاً غريب تخشعُ لـه الآذان وتسمعُ لـه الأرواح
كم كان صوته من الروائع خشيت أن أضيع قراءته حينها فـ توجهتُ إلـى الفِراش واضعا جنبي وأنا أستمعُ إلـى تلاوته !.

..

[ صلاةُ الفجر كان فيها أولا ]

صلينا صلاةَ الفجر كان هو الأول من حضر هُناك ومن أذن فيها
صلينا صلاةَ مودعٍ لـه رُبما كان .. كان التعبُ واضحا عليه منذُ البداية في الصباح
ليس من عوائده أن أراهُ يعود إلـى المنزل وحاملاً مُصحفه بين يديه بعد الفجر مُباشرة .. قلت رُبما هو مُتعب
إستقبل القبلة وعاد في البيت يقرأ من جديد !. إلـى أن حانت صلاةُ الضُحـى فـ كان يُصليها وهو مُتعب جدا ولا أدري سببه !.

..

[ المركـز الصيفي أولـى رُغم التعب ]

كان في تلك الأيام تُقام المراكز الصيفية فـ كان هو ممن أبـى إلا الحضور
فـ بدأ بـ التدريس وكان الطلبة يروه على غير عادته .. وبعد فترة أستأذن من الشيخ القائم على المركز
إستأذن وهو هامٌ على الوضوء فـ كان على وضوء وركب سيارته وأنطلق قافلا إلـى المنزل لـ يُريح جسده هُناك
لـم يكن لـديه وسيلة راحة سوى النوم فـ أستقبل القِبلة وتغشى بـ كامل جسده ونام نومة هنئية رُبما وهُنا كان قد وعد أحد زملائه بـ المرور عليه !.

..

[ إستيقظ .. فـ هناك من ينتظرُك !. ]

قُرع الباب .. هل هو هُنا ؟!. نعم .. إذا لـ تُنادوه فـ لي حاجةٌ به
صعد أحدهم إلـيه مُناديا .. أحمد .. أحمد .. أحمد !. لا يُجيب .. لا بأس فـ النوم قد أغشاه وهو مُتعب
أحمد .. تحريك بسيط .. أحمد !. الغطاء على جسده بـ الكامل .. أحمد هُناك أحدٌ يناديك في الخارج وهو يُريدك !.
أحـ ... د !!. لا صوت ولا تنفس ولا شيء !. أحــمـ .. د .. يسقط الآخر ويُغشى عليه ولكن هناك من رأهم وفاضت رُوح أحمد إلـى السماء !.

وآخر ما كان لـي في مسمعي:

الكرامة هي : الموتُ علـى الإستقامــة !.
 
 
[ .. وقتُ العـودة .. الأربعـاء .. ]

في ذلك المسـاء كانت العصر جميـلاً بـ إطلالته تلك
فـ كان النهارُ أجمل لـ زخات المطر تلك التي هطلت فـ كان وجوده بعد أسبوع من الذهاب أجملُ فعلا
فـ كان الزهرتان تنتظران الأبُ على أحرّ من الجمر .. أحدهم طفل لم يبلغ السنتان والآخرى طفلة لم تبلغُ الشهران !.
ينتظرُ الأهل عودته بـ ما يحمله من كلمـات شاعرية لـ تلك الأجواء التي يصدحُ بها المكـان بـ جمالها الآخاذُ فعلا فـ كان هُنا !!.

..

[ .. إبتسامتهُ لا تُفارقه .. ]

في تلك العصرية كان الإختلافُ علـى وجهه وجمالاً مُختلف فعلا
كان يرى الكون وكـأنه وحدة شاعرية فـ إستلقـى في الوادي يُلـقي كلماته هُناك بين الحنـايا
فـ كانت تصدحُ كلّ الأكوان بـ جمالِ مـا قال وطفله وطفلته بين أحضانه وقد ترقرق قلبيهما بـه وهو لا يغادرُ بها إلا تقبيلا
كم كان المساءُ مُخيفاً عندما بدأ بـ سدل الستار في المكان بـ الظُلمةِ الكبيرة فـ رحل المسـاءُ لـ يأتي الجميعُ لـ الصلاة وصلينا العِشاء
فـ كانت أمه تنتظرُ [ يحيـى ] لـ العشـاء فـ آتى وهو يُزقزقُ بـ كلماتٍ كانت رائعة إنتظارها كان يُشجيها بـ جمال حرفه وزخرفةِ حرفه الجميل !. وتعشـى والمرحُ على مُحيّاه !.

..

[ .. يقراُ المُعوذات و يسقُط ! .. ]

في تلك الأثناء طلب من زوجته أن تتجهز لـ زيارةِ أهلها هُناك
في لحظة أخذ طفلته ومسك بيد طفله وجنبه زوجته .. وبدأ مشاور الرحيل !.
مررتُ بـ جنبه تلك اللحظات .. وكان آخرُ كلمة قالها وأسمعه يُعلم أبنه المُعوذات ويتلوها عليه !!.
يقول له .. [ قل أعوذُ بـربِ الفلق ] وكنتُ أمرُّّ مروراً سريعا جدا وهذه ما سمعتُ منه آخر كلمات قالها في تلك الليلة
وأستمر مشوار الرحيل يمضـي ويحيـى يقرأُ المُعوذات وهنا كان قد إقترب من بيت أهل زوجته ويهمّ بـ طرق الباب وهناك توقف !.

يضعُ يده على الجرس .. وهو يقول: [ من الجنّةِ والنـاس ٍ] وسقط !.
سقطت الطلفة من حظنه !. وتفلتت يده من يدِ طفله .. وتوقف الكونُ بـ أسره ورحل يحيى !.

وهُنا كان قلبي قد رحل !. رحل أبي وليس بـ أبي ورحل أخي !.
لا أدري هل سـ أظلُّ أبكيك يـا يحيـى .. أم سـ أظلّ أجفّ الدمعُ من مقلاتاي وأذرفُ حينما أذكرك !!.

رُحمـاك ربي !.

تصـورات .. وأُمنيـات !.

الاسم:  11102.imgcache.jpg
المشاهدات: 114
الحجم:  62.4 كيلوبايت


عِندمـا تُشرقُ الشمسُ من بعيد
يلوحُ في نـاظري أملٌ قريب
فـ أستعِدّ لـ أن ألقـي نـظرةٌ خـاطِفة لـ تلك الزاوية

لا أجدُ إلا ضوءٌ خـافت !.
أرى أنّي قد أسرعتُ من أجلِهم
وأرسُم في وجهي لوحةً من الحُزن !.
ذلك الأملُ الذي سـطع لـي نورهُ كان قد رحل
لا أمل بـ هذه السُرعة ولا سعـادة بـ الرحيـل الغريب

ظللتُ الطريق !.
لا أبتغـي سوى أن أتبعُ ضوئها
ولكنّ !!.
أين هي .. لا أجدُ سوى أحشـاءَ على قارعتِها
لـ أجدُ لـها عن سبيل .. ولا سبيل إلـا الموت والهزيمة
ذلك الأملُ المُشرق مـا هو إلا رؤية قاصرة لـ الغروب والرحيل

مـا أصعبه !.
أملٌ .. وألـم .. وحُزن
عندما نرسمُ الأمل .. لا نجِدُهُ إلا في الظلام !.
نبحثُ ونبحثُ هُنا وهناك عن رمقةَ عيشٍ ولا نجدُ سوى الحُزن

أُمنيـاتٌ تُقضـى !.
وتصوراتي لا بدّ أن تُرحل
هُناك صنعـا تلك الأرجوحة لـ تسقط
وهنا ثبتنا عمود من الطين لـ ينحلّ وينهلّ !!.

عندما نُريد ولا نستطيع فـ إننا يجب أن نقف
نقفُ من أجلِ أن نزرع .. ولا زِراعة إلا بـ التفاؤل
هذا إن وجد ذلك التفاؤلِ .. وهذأ إن وُجِد ذلك الأملُ على قارعةِ الطريق

رسـائـل !.



[ 1 ]


رسـالةٌ لـ أولئكَ الذين يـأبون المغيب .. إلـى أولئك الذين يعشقون الرحيل
إلـى متى ونحنُ نُسـافرُ بـلا رحيل .. كُنا وما زلنا نُعشقُ المطر لـ يأتي يومـا لـ نُغني بـ الحزنِ الناي
يُسـافرون ولا يأبونَ المغيب .. ظلالهم تأتي بـلا طرقِ بـابٍ أو سلام يُشعلُ القلب طربـا ويُهيّجُ الروحَ بلسمـاً عذبـا !.
حُمّلنـا من الأشواقِ مـا قتلا .. وسحـائِبُكم إنسـاقت مُحمّلةٌ بـ أهازيج قلقِ تُغرقنـا .. الدمعُ لا يجفّ وإنمـا يزدادُ وجعـا وتسللاً

.

[ 2 ]

روحكَ مُعلّقة .. وقلبُكَ راحِلٌ .. وهمسُكَ باقٍ يستبِقُ الريح !.
رحلتَ وكـأنكَ تعشقُ الرحيل .. سجدةُ ركعةٌ كـانت آخرُها .. صلاة وأخرى تَسبقُها بـ الضـحى
عِندمـا تهمّ الشمسُ بـ الوداع أدركُ أنّ الرحيل قد جاد نحو الطريق .. فـ رحلتَ وأنت تُحوك لنا ثوباً من الأخِيلة !!
شوّقتنـا .. والشوقُ أعظمُ مسألة تدقُ ناقوسَ قلبـاً مُخضَ بـ التعب .. لا الشوق يُجدي ولا الرحيل يُعطي فـ مـا هو إلا جلبٌ بـ الحزنِ المرير !.

.

[ 3 ]

حُملتِ لـ تُغرّدي نغمةً ممشوقة .. وضيـاءُ رحيلكِ لا يزالُ يترنمُ هُنـا
رحلتِ .. لا .. أنتِ في عيني وفي قلبي لُجّةً بـ لا وداع أو رحيل .. بل أنتِ هي الروح السجين !!.
لا وصل إلا وصلُ ريحُكِ .. لا تسـألِ الليل المضمخِ وجههُ عنكِ ولا عن هواكِ وإنمـا الهوى مغروسٌ ومكبوتٌ هُنـاكَ
هي وحدها من أوجدتَ لـيَ وطنـا .. فـ كيف لي أن أتركَ وطنـاً قد زُرعَ بلسمهُ .. لا شيء بعدكِ يسقـي الروحَ يـا قمراً فيّ !!

.

[ 4 ]

هبّ لـي من سمـاءِ رونقِكَ زغردةً .. تُحـاكي النجوم وتتلألأ بـ ضيـائِها
لا تهب روحكَ فـي الحيـاة بـ دون قلبٍ يعطي تنفـسـا .. وكنّ في الحيـاةِ مؤنسـاً بدونِ فراقٍ دنسك !.
يزورني حينـاً طيفُكَ الغريبُ مُتغطرسـا .. أصحبهُ بـ ضحكةٍ مُتيبسـة .. لا أدري لمـا أضحكُ عندمـا أرى خيالُك يسجدُ بين النعيم
بل لستُ أرى إلاك في العُلـى ينقشُ حجراً ويشتمُ وردةً بـ عطرها فـاحت هُنـا من أجلِ روح قد تاقت إلـيك شوقـا وإبتذالاً يزيدُ نفسي وروحي !!.

.

[ 5 ]

ثوبٌ وبسـاطٌ مفروش هنا وبعثرةُ ورقٍ هنـاك !.
فـ غاب ظلٌ كنتُ أرقبهُ من خلفِ ناقوسِ يدقُ بـ نغمةِ مُغيّباً .. وتغرب ظلّي وودعك !.
قد سوّد الأوراق فيهـا وابيضّت عينـايّ بـ رؤيةِ واضحة .. فـ هناك رسمَ لي رؤية بـ أنّه راحلٌ تاركاً خلفه أسئلة
لو قدر الأملُ لـي فـ سـألته .. هل عيتَ يومـا مـعنى الشوق .. أيـا راحلاً مـا تركتَ لـي من طيفكَ المعشوقِ ؟!. أم أنكَ لا تستأذنُ الرحيل كـ عادتك !.


.
.
.


بـالله قولـي : أي شوق يسكبُني هُنـا !.

.
.


وتلعثمتُ !.